لم يكن النبي صلى الله عليه و سلم أول نبي يهاجر في سبيل الله بل مر بهذا الامتحان كثير من الأنبياء.. وقد أخبرنا الله تعالى بأن إبراهيم عليه السلام هاجر من موطنه إلى مصر وغيرها داعياً إلى التوحيد، وأن يعقوب ويوسف عليهما السلام هاجرا من فلسطين إلى مصر وأن لوطاً هجر قريته لفسادها وعدم استجابتها لدعوته. وأن موسى عليه السلام هاجر بقومه من مصر إلى سيناء فراراً بدينه من طغيان فرعون.
وهكذا فان الهجرة من سنن النبيين، وقد كانت هجرة نبينا عليه الصلاة والسلام خاتمة لهجرات النبيين. وكانت نتائجها عميقة شكلت منعطفاً تاريخياً حاسماً.
نتائج الهجـرة
لقد أدت الهجرة إلى قيام دولة الإسلام في المدينة، والتي أرست ركائز المجتمع الإسلامي على أساس من الوحدة والمحبة والتكافل والتآخي والحرية والمساواة وضمان الحقوق، وكان الرسول صلى الله عليه و سلم هو رئيس هذه الدولة وقائد جيوشها وكبير قضاتها ومعلمها الأول. وقد طبق الرسول صلى الله عليه و سلم شريعة الإسلام، وكان القرآن ينزل بها منجماً، فكان الصحابة يدرسون ما ينزل ويطبقونه على أنفسهم، ويتعلمون تفسيره وبيانه من النبي صلى الله عليه و سلم فتكون جيل رباني تمكن من الجمع بين عبادة الله وعمران الحياة وعمل تحت شعار: اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لأخرتك كأنك تموت غدا. وفي خلال عقد واحد توحدت معظم الجزيرة العربية في ظل الإسلام، ثم انتشر فى خلال عقود قليلة تالية ليعم منطقة واسعة امتدت من السند شرقاً إلى المحيط الأطلسي غرباً حيث آمن الناس بالإسلام، واستظلوا بشريعته العادلة وأقاموا حضارة زاهرة آتت أكلها قروناً طويلة في حقول التشريع والتربية وعلوم الكون والطبيعة، فكانت أعظم آية. والحمد لله رب العالمين.