روى الإمام البخاري في صحيحه في كتاب الإيمان برقم ( 54 ) فقال : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ عَنْ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ . متفق عليه واللفظ للبخاري .
فالله الله على النية، فرب عمل صغير تعظمه النية، ورب عمل كبير تصغره النية.
وكما قال يحيى بن أبي كثير: تعلموا النية، فإنها أبلغ من العمل . اهـ .
وإنَّ سر نكبات الأمة الإسلامية في المشرق والمغرب هو عدم إخلاص النية ؟!!!!.
وإليك الدليل العقلي ، فلو صلحت نية طالب العلم عند تلقيه للعلم، وحافظ على سلامتها حتى صار شيخا جليلا تشخص إليه الأبصار، فجهر بالحق ولم تأخذه في الله لومة لائم، وكذلك انتهج بقية العلماء نفس السبيل، فمن أين سيجد السلاطين من يفتي لهم في الدين بما لا يرضي رب العالمين؟!!. فيظهر بذلك الدين، ولايلتبس أمره على المصلين!!!.
ولو صحت نية الحكام، لبذلوا وسعهم في صلاح حياة الأنام، فيعم بذلك الخير والوئام، وكما قيل : لولا الوئام لهلك الأنام!!!.
إن النية عبارة عن المحرك والباعث الحقيقي الكامن بين وجدانك، فلا يطلع عليه غيرك.
فمثلا أنت الآن تريد أن تطلب العلم، فما الذي دفعك إلى ذلك؟!! هل لطلب مكانة اجتماعية، هل من أجل أن يقول الناس عنك: هذا طالب علم ممتاز، أم لأجل النجاح في الجامعة، أم من أجل شهادة تعلقها في الصالون .
قال ابن جماعة : حسن النية في طلب العلم بأن يقصد به وجه الله تعالى والعمل به ، وتنوير قلبه، وتحلية باطنه،والقرب من الله تعالى يوم القيامة ، والتعرض لما أعد لأهله من رضوانه ، وعظيم فضله .
قال سفيان الثوري : ما عالجت شيئاً أشد عليَّ من نيتي .
فالنية هي الأصل ، والله الحسيب والرقيب ، مطلع على السرائر والضمائر ، لا تخفي عليه خافية ، وكم من عمل يتصور بصورة أعمال الدنيا فيصير بحسن النية من أعمال الآخرة ، وكم من عمل يتصور بصورة أعمال الآخرة فيصير بسوء النية من أعمال الدنيا فلتحذر .